المقدمة هنالك أنواع عدة من مرض السكري ، فالنوع الأول هو الذي يصيب الانسان منذ الصغر ويستوجب علاجه بالانسولين مدى الحياة. النوع الثاني الذي يصيب كبار السن عادة بعد سن الاربعين وان كان احيانا يظهر في سن اكبر عند توفر بعض المعطيات ويتم علاجه بالحمية الغذائية والرياضة والأدوية وأحيانا في بعض الحالات يحتاج المريض الى العلاج بحقن الانسولين. اما النوع الثالث فهو الذي يظهر خلال الحمل ويدعى بسكري الحمل.

ماهو سكري الحمل؟ هو ارتفاع نسبة السكر بالدم بدرجات متفاوتة خلال فترة الحمل وعودته للمعدل الطبيعي بعد الولادة ، ونسبة حدوثه بين النساء الحوامل قد تصل ما بين (20 ــــ 30 %) من مجموع الحوامل. وحيث أنه في أغلب الاحوال لا يعطي اعراض واضحة ومحددة تبين وجوده ، فلا بد من فحص نسبة السكر بالدم من خلال فحص خاص يدعى فحص تحمل السكر أو منحنى السكر لدى جميع الحوامل وذلك بعد الثلث الأول من الحمل لتحديد الاصابة لما لذلك من أهمية كبرى لصحة الأم وسلامة الجنين.

تزداد فرصة الاصابة بسكري الحمل في حالة توفر أحد العوامل التالية : 1. الاصابة بسكري الحمل في حمل سابق. 2. وجود تاريخ مرض عائلي لمرض السكري. 3. ولادة سابقة لطفل كبير الوزن ( يزيد عن 4 كجم ). 4. وفاة جنين داخل الرحم في الأسابيع الاخيرة من الحمل لأسباب غير معروفة أو حصول إجهاضات متكررة. 5. الزيادة المفرطة في وزن الحامل. 6. تقدم سن الحامل. 7. الالتهابات المتكررة الجرثومية أو الفطريات في المجاري البولية أو التناسلية.

العوامل المؤدية الى الاصابة بسكري الحمل ( تابع ) إن الحمل بحد ذاته من العوامل الرئيسية المؤدية لحصول مرض السكري وذلك بسبب التغيرات التي تحصل في الجسم بتأثير الحمل وهرمونات الحمل حيث يحدث في كل الحالات ارتفاع في السكريات في جسم الحامل وفي نفس الوقت يصبح هنالك مقاومة لهرمون الانسولين الذي يفرزه الجسم والذي يقوم بحرق السكريات وذلك نتيجة لارتفاع نسبة هرمونات الحمل ونتيجة لذلك ترتفع نسبة هرمون الانسولين بسبب هذه المقاومة ليحدث التوازن في الجسم وبالتالي لا ترتفع نسبة السكر. هذا ما يحدث في الحالات الطبيعية عند الحامل. أما اذا لم يحصل هذا التوازن وكان الجسم غير قادر على إفراز المزيد من هرمون الانسولين فسوف ينتج عن ذلك حصول سكري الحمل.

كيفية تحديد حصول الاصابة بمرض سكري الحمل : كما اسلفت سابقا فان سكري الحمل لا ينتج عنه في العادة اعراض واضحة ومحدده ولأن نسبة حصوله بين الحوامل مرتفعة فلا بد من إجراء فحص خاص لكافة الحوامل لأن عدم اكتشافه في الوقت المناسب قد يؤدي الى مضاعفات لدى المرأة الحامل وجنينها.

ما هو هذا الفحص؟ هو عبارة عن فحص دم ويجرى في الصباح بعد مدة صيام لا تقل عن 8 ساعات ولا تزيد عن 14 ساعة إذ تعطى المرأة الحامل بعد أخذ عينة دم الصيام مادة سكرية تزن مائة جرام عن طريق الفم وتؤخذ بعد ذلك عينة دم صغيرة كل ساعة ولمدة 3 ساعات لقياس نسبة السكر. القيم الطبيعية في حالة عدم وجود سكري تكون كالتالي : عينة الصباح 95 ملجم ، بعد ساعة 180 ملجم ، بعد ساعتين 155 ملجم ، وبعد ثلاث ساعات 140 ملجم. وإن كان هنالك قيميتين أو أكثر أعلى من هذه النسبة فهذا دلالة على وجود سكري حمل.

الاجراءات والخطوات الواجب اتخاذها في حال تم تشخيص سكري الحمل : يتم في هذه الحالة تحويل الحامل الى اخصائي التغذية والذي بدوره يضع لها برنامج تغذية خاص يراعي فيه وضع الحمل واحتياجات الجنين. وبعد اسبوعين يتم إجراء فحص دم بأخذ عينيتين واحده بعد صيام 8 ساعات والأخرى بعد الأكل بساعتين فاذا تبين ان نسبة السكري ضمن الطبيعي فإن الحمية تكفي. أما ان تبين ان النسبة ما زالت مرتفعة فيتم إدخال المريضة الى المستشفى حيث تتم مراقبتها بصورة ادق واذا ما تأكد ارتفاع نسبة السكري في هذه الحالة تعطى علاج الانسولين وفي هذه الحالة يكون باستخدام نوعين من الانسولين سريع وقصير المفعول ( الصافي ) وطويل المفعول ( العكر ) مما يستلزم بقاؤها في المستشفى بضعة ايام كي يتم تحديد جرعة الانسولين المناسبة لها وعددها لكي تحافظ على نسبة السكر ضمن الطبيعي لحامل لا تعاني من السكري.

مخاطر عدم التحكم بالسكري على الأم الحامل والجنين : هنالك مخاطر كثيرة وكبيرة من بينها : ارتفاع ضغط الدم عند الحامل وتعرضها للاصابة بما يسمى تسمم الحمل. زيادة السائل الامنيوسي داخل الكيس الذي يوجد بداخله الجنين مما يعرض الحامل وجنينها لمضاعفات عدة. كبر حجم الجنين وهذا يؤدي الى تعسر الولادة وتعرض الجنين لاصابات عدة خلال الولادة وكذلك ازدياد نسبة العمليات القيصرية.

مخاطر عدم التحكم بالسكري على الأم الحامل والجنين ( تابع ) : مضاعفات للجنين عند وبعد الولادة مثل هبوط حاد في نسبة السكر ، ارتفاع في نسبة الصفراء في الدم وهبوط في مستوى الكالسيوم ، وفاة الجنين قبل أو بعد الولادة مباشرة. ازدياد في نسبة حصول التشوهات وخاصة اذا كان مرض السكري غير مكتشف منذ بداية الحمل أو ان التحكم في منسوب السكر لم يكن كافيا. هنالك فرصة أن يتطور سكري الحمل بالنسبة للام الى سكري دائم خاصة اذا كانت تعاني من السمنة.

الاجراءات الواجب اتخاذها لتجنب المضاعفات وتحقيق أفضل النتائج للام والجنين : على مريضة السكري والتي تخطط للحمل أن تراجع طبيب الغدد وطبيب النسائية قبل الحمل لكي يضع لها البرنامج المناسب لكي يكون التحكم بالسكري أفضل ما يمكن قبل بداية الحمل بعدة أشهر ، ويجب أن تتضمن خطة العلاج نوعية العلاج سواء بالحمية لوحدها او باضافة الانسولين. حيث أنه بالنسبة لمرضى السكري اللواتي يستخدمن الانسولين تزداد الحاجة لزيادة الجرعة مع تقدم الحمل ، اما اللواتي يستخدمن حبوب خافضات السكر فيجب عليهن التوقف عنها قبل بداية الحمل بفترة ، واستعمال حقن الانسولين بدلا عنها لان الحبوب هذه قد تؤدي لحدوث تشوهات خلقية عند الجنين

الاجراءات الواجب اتخاذها لتجنب المضاعفات وتحقيق أفضل النتائج للام والجنين ( تابع ) : بالاضافة انه لا يمكن بواسطتها التحكم الجيد بمنسوب السكر. ينصح ايضا باستعمال حبوب حامض الفوليك قبل بداية الحمل بعدة اشهر. للحصول على افضل النتائج كذلك والحد من المضاعفات للام والجنين ، على الحامل ان تلتزم بالمتابعة طوال اشهر الحمل لدى اخصائي النسائية والتوليد ،،،،،،،،

الاجراءات الواجب اتخاذها لتجنب المضاعفات وتحقيق أفضل النتائج للام والاجنين ( تابع ) : والذي سوف يضع لها برنامج متابعة الحمل ويقوم باجراء الفحوصات اللازمة. متابعة الحمل تتم بالمشاركة بين اخصائي النسائية واخصائي السكري او الباطنية واخصائي التغذية. الهدف من المتابعة المحافظة على منسوب السكري ضمن المنسوب الطبيعي لغير مريض السكري وتجنب حدوث المضاعفات المتعلقة بالحمل والتعامل مع هذه المضاعفات حال ظهورها وايضا التأكد من سلامة وصحة الجنين طوال اشهر الحمل.

الولادة : تحتاج الام وجنينها الى عناية خاصة عند الولادة بالنسبة لمريضة السكري على الحمية فقط إن كان الحمل طبيعي وبدون اية مضاعفات بالنسبة للام والجنين فلا يستدعي الوضع التدخل المبكر وتترك الحامل الى ان تبتدئ الولادة الطبيعية وفرصة الولادة الطبيعية مثل فرصة الحامل الغير مصابة بالسكري.

الولادة ( تابع ) : اما بالنسبة للحامل التي احتاجت لعلاج الانسولين يتم التدخل لسلامة الجنين بتحريض الولادة عند منتصف الشهر التاسع ما لم يكن هنالك مضاعفات تستلزم التدخل قبل ذلك ، من اجل تجنب الجنين اية مضاعفات قد تطرأ خلال الاسبوعين الاخيرين من الحمل ، وفي كل الاحوال لا يسمح لمريضة السكري ان تتعدى الاسبوع الاربعين من الحمل.

الولادة ( تابع ) : هنالك دائما فرصة جيدة للولادة الطبيعية وان كانت نسبة العملية القيصرية أعلى بقليل من الحامل التي لا تعاني من السكري.

فترة النفاس تقل حاجة الام للانسولين بعد الولادة مباشرة. بالنسبة لمريضة سكري الحمل فعلى الأغلب لن تحتاج الى الانسولين بعد الولادة. أما مريضة السكري التي كانت تستعمل حقن الانسولين قبل الحمل فتعود لجرعتها قبل الحمل. وبالنسبة لمريضة الحمية فتعود الى ما كانت عليه والمريضة التي كانت تستخدم الحبوب الخافضة للسكر فيمكنها أن تعاود استخدامها ثانية.

الرضاعة ان مرض السكري لا يتعارض مع الرضاعة بل على العكس فان الرضاعة افيد للام. على مريضة سكري الحمل مراجعة الطبيب وإجراء فحص دم للسكري بعد الولادة بستة اسابيع للتأكد من عدم وجود السكر وفي كل الاحوال على مريضة سكري الحمل أن تعمل على انقاص وزنها و الحركة والرياضة اليومية لكي تتجنب ظهور مرض السكري الدائم.

مما يجدر ذكره هنا أن بعض المفاهيم الخاطئة عن سكري الحمل وهو أنه اذا لزم استعمال الانسولين فلن تستطيع الحامل تركه بعد الولادة وهذا مفهوم خاطئ تماماً لأن استعماله ينتهي بانتهاء الحمل.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية. Dr.Nazih Kayyali m/drnazihkayyali.htm