1. زيادة الوعي بأخلاقيات البحث العلمي لدى الباحثين
بسم الله الرحمن الرحيم 
ورقة عمل بعنوان
زيادة الوعي بأخلاقيات البحث العلمي لدى الباحثين
في المؤسسات العلمية الفلسطينية   
إعداد
الدكتور/ فرج إبراهيم حسن أبو شمالة 
أستاذ المناهج وطرق التدريس 
كلية مجتمع تدريب غزة (GTC) 
ورقة العمل مقدمة إلى
اليوم الدراسي (أخلاقيات البحث العلمي)
الذي تنظمه شئون البحث العلمي والدراسات العليا
الجامعة الإسلامية. غزة/ فلسطين
في يوم 2/ 4/ 2014م

2. في ظل التغيرات المتسارعة في تكنولوجيا المعلومات، والاتصالات، وانتشار نظام العولمة في جميع أنحاء العالم، وظهور الغزو الفكري، وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها عالمنا العربي بصفة عامة، وشعبنا الفلسطيني بصفة خاصة، فإننا بحاجة ماسة للمحافظة والموازنة بين الأصالة والمعاصرة، وأن نتمسك بحضارتنا الإسلامية، وقيمنا وأخلاقنا الحميدة، وأن نسهم في اكتسابها لدى جميع أفراد المجتمع لنعيش بين المجتمعات الإنسانية في عزة وكرامة.

3. وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم (وإنك لعلى خلق عظيم) (سورة القلم، آية: 4)، وذكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، (ابن حنبل: رقم الحديث 8595)، وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في وصف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (كان خلقه القرآن) (حديث صحيح ـــــ رواه مسلم)، وهذا يشير إلى أهمية الأخلاق في حياتنا البشرية بصفة عامة، ولدى المتعلمين والعلماء والباحثين بصفة خاصة لأنهم عماد الأمة، وبناة الوطن والمواطن.

4. ومن الملاحظ أن وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، قد اهتمت في البحث العلمي، وأنشأت مجلس البحث العلمي في الوزارة، وقد قامت وتقوم الوزارة بتقديم المنح والجوائز والمعنوية و المادية الملائمة للنهوض بالبحث العلمي، وبينت الوزارة أن الجائزة تمنح مرة كل عام في حفل رسمي، تقيمه وزارة التربية والتعليم العالي، وبالطبع فإن هذا الانجاز يسهم في التنمية المستدامة للموارد البشرية، ويعمل على خدمة المجتمع وتنميته.

5. هذا وقد جاء في بروشور اليوم الدراسي (أخلاقيات البحث العلمي) إن التحديات التي تواجه البحث العلمي إن التحديات التي تواجه البحث العلمي حاضراً ومستقبلاً تتطلب الالتزام بالأسس العلمية الصحيحة والأخلاق البحثية التي تسهم في الإثراء الحضاري والريادة الحقيقية لمجتمع المعرفة، وكما يقتضي اتساع جوانب المعرفة وزيادة الانفتاح على العلوم بشتى أنواعها وتعدد أساليبها ووسائلها أن يتم وضع الضوابط الناظمة لسلوك الباحث وفق القيم والأعراف العلمية وأخلاق المجتمع، ولا بد من وجود الوعي الشامل في الممارسات البحثية بحيث يتجنب الباحثون الوقوع في المحظور من حيث التعدي على حقوق الملكية الفكرية أو مخالفة الأخلاق الدينية والأعراف العلمية).

6. وتأسيساً على ما سبق، ونظراً لأهمية الباحثين في حياة الأمة، وأهمية البحث العلمي في تقدم المجتمع وتطوره، وضرورة توفر أخلاقيات البحث العلمي لدى الباحثين في المجتمع والمؤسسات التعليمية، خاصة وأن المجتمعات بصفة عامة تعاني من أزمة في الأخلاق، فإننا نسعى إلى نشر وترويج وتعزيز القيم والأخلاق الحميدة المستمدة من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وسلفنا الصالح بين أبناء المجتمع الفلسطيني، و رغبة في المشاركة والتعاون والتفاعل مع اليوم الدراسي (أخلاقيات البحث العلمي)، الذي تنظمه شئون البحث العلمي والدراسات العليا، في الجامعة الإسلامية بغزة في فلسطين، جاءت فكرة ورقة العمل هذه بعنوان (زيادة الوعي بأخلاقيات البحث العلمي لدى الباحثين في المؤسسات العلمية الفلسطينية).

7. تعريف البحث العلمي: Definition of Scientific Research
يعرف (عبدة، 1999: 79) البحث العلمي بأنه: "محاولة أو مجموعة جهود منظمة دقيقة ناقدة، ومتأملة لاستقصاء ظاهرة أو مشكلة ما تثير حيرة وقلق الباحث، مستعيناً بمعلوماته العامة، وما لديه من خبرة، ومهارة لاكتشاف حقائق جديدة، والتثبت من: حقائق قديمة، والعلاقات التي تربط بينها، أو القوانين التي تحكمها، أو قواعد عامة، وعلاقات متبادلة جديدة بين الأحداث أو الظواهر أو الأشياء، من أجل التأكد من صحتها بالأسلوب العلمي، وقواعد الطريقة العلمية، وتحليل العلاقات فيما بينها، والتعرف على الأسباب والعلل والعوامل التي أدت إلى وقوعها لزيادة قدرته على السيطرة على بيئته، ثم عرضها عرضاً متكاملاً للخروج بنتيجة أو الوصول إلى حل أو علاج لتلك المشكلة، متوخياً الدقة والمهارة والأمانة، لمواكبة ركب الحضارة الإنسانية في مختلف ميادين الحياة، والإسهام فيها إسهاماً حياً وشاملاً".

8. ويعتبر البحث العلمي محاولة للتوصل إلى سبب أو أسباب لظاهرة معينة، إنه محاولة الكشف عن أسباب مشكلة أو كيفية حدوثها بتحليلها أو محاولة الكشف عن علاقة بين متغيرين أو عاملين، أو محاولة للوصول إلى برهنة على قضية ابتداء من بعض المقدمات، أو اكتشاف المقدمات التي تبرهن على هذه القضية. وغالباً ما نتبع في هذه المحاولة طرقاً معينة، وأساليب مقنعة وخطوات محددة، حتى نصل إلى الهدف على نحو أيقن وأسرع، فهو فحص منظم، أو دراسة ذات منهج محدد المعالم، واضح الأهداف. (محمد والسرياقوسي، 1988: 65)

9. صفات الباحث العلمي:
هناك صفات أساسية لا بد من توافرها في الباحث، وفي حالة عدم وجودها الفطري فيه، عليه تمثلها واكتسابها عله يستطيع الإسهام في مسيرة البحث والعلم. (دياب، 2003: )
وهذه الصفات هي:
الحيدة والموضوعية.
الأمانة العلمية.
الخلفية العلمية.
الحذر والشك.
الفضول الفكري وحب الاستطلاع.
الصبر والجلد.
القدرة على التنظيم.

10. ويضيف (الشوك، 2012: 4) مجموعة أخرى لصفات الباحث العلمي:
عدم سرقة أفكار شخص معين
عدم إدراج أشخاص لم يساهموا في البحث
ذكر النتائج كما ظهرت وعدم القيام بتحويرها
يستحسن تطوير ما بُحث سابقاً
دقة العمل والأمانة في ذكر التفاصيل، ومحددات ومربكات العمل
الابتعاد عن الأنانية، وتقديم يد العون للآخرين
عدم عرقلة عمل الآخرين من باب الحقد أو الغيرة
العرفان بالجميل لمن ساهم وشارك في البحث

11. أخلاقيات البحث العلمي: (Moralities of Scientific Research)
إن تجاهل الباحث العلمي أخلاقيات البحث العلمي ينسف الصفة العلمية والقيمية عن عمله البحثي. فمن الضرورة ألا يتعرض الباحث لزملائه الباحثين من حيث خصوصياتهم أو كراماتهم أو نهج سيرهم، إذ أن تسييس (Politicization ) العملية البحثية ذات الصفة الموضوعية يتناقض مع أخلاقيات البحث العلمي. ومن أخلاقيات الباحث العلمي: (وحدة الجودة، 2010: 6).   
الأمانة العلمية: من الضرورة نسبة الآراء لأصحابها الحقيقيين، وتجنب انتحالها أو سرقتها.
  كتمان سرية المعلومات أو خصوصيات المبحوثين
تجنب إلحاق ضرر مادي أو معنوي بعينة البحث ومحاولة الضغط على المبحوثين أو استفزازهم.
فصل الحياة العلمية للباحث عن حياته العائلية أو الشخصية.
تجنب الخضوع لمؤثرات حكومية هادفة إلى ترك البحث في شؤون عامة حيوية.

12. أخلاقيات البحث العلمي من منظور إسلامي:
ولقد استطاع العرب والمسلمون أن يكتشفوا المنهج التجريبي بكل خطواته، وتفاصيله التي توصل إليها (فرانسيس بيكون) و(جون استيوارت مل) فيما بعد بقرون طويلة؛ فكانوا بذلك أول من أبدع في هذا المجال...ولقد انتقل هذا الكشف إلى العالم الغربي بطرق عدة، فترجم من اللغة العربية إلى اللغة اللاتينية أولاً، ثم إلى اللغات الأوروبية بعد ذلك...وعن طريق هذه الترجمات عرف رودجربيكون وسميه فرانسيس بيكون أسس وأصول وخطوات المنهج التجريبي، كما اطلع عليه جون استيوارت مل، ونسبوا اكتشاف هذا المنهج إليهم بدون وجه حق. هذا ما حدث فعلاً، وهذا ما أقره المنصفون من علماء الغرب أنفسهم، ويعد دليلاً عليهم. والواقع أن الحضارة الإسلامية بما فيها من علوم، وثقافات وأفكار أثرت ونفذت إلى الفكر الغربي عبر عدة محاور. (محمد والسرياقوسي، 1988: 275)

13. وتحث جميع الأديان على طلب العلم وعلى القيم العلمية الآتية : (الشوك، 2012: 4)
عدم الأخذ بالمعارف والخبرات اعتماداً على الظن.
إعمال العقل على طلب الدليل في كل اعتقاد.
توجيه العقل إلى التريث وعدم التسرع في إصدار الأحكام.
عدم نشر ما يسمع قبل دراسة المختصين له، والتحقق منه.
المنهج العلمي الديني يؤكد علي أن البحث العلمي عملية أخلاقية، بالإضافة إلى كونه عملية منهجية. لذا فإن الباحث مطالب أن يكون متسلحاً بمواصفات أخلاقية جنباً إلى جنب مع المواصفات المعرفية والمنهجية.

14. وقد تكون لكل دين شعائر خاصة به، تعتبر سمات مميزة له، ولا شك أن في الإسلام طاعات معينة، ألزم بها أتباعه، وتعتبر فيما بينهم أموراً مقررة، لا صلة لغيرهم بها، غير أن التعاليم الخلقية ليست من هذا القبيل، فالمسلم مكلف أن يلقى أهل الأرض قاطبة بفضائل لا ترقى إليها شبهة، فالصدق واجب على المسلم مع المسلم وغيره، والسماحة والوفاء والمروءة، والتعاون والكرم، .... إلخ. (الغزالي، 2008: 33)
ومن هنا يتبين لنا بوضوح أهمية توافر القيم والأخلاق لدى الانسان المسلم، وضرورة توافر أخلاقيات البحث العلمي لدى الباحثين، بصورة تظهر الحقيقة والموضوعية والصدق، والحصول على أبحاث منطقية قابلة للتطبيق، وتفيد في حل المشكلات في جميع المجالات، وتسعى إلى تقدم الأمة ورقيها.

15. على من تقع مسئولية مراعاة أخلاقيات البحث العلمي؟
من أجل مراعاة أخلاقيات البحث العلمي، يجب تحديد الشخص أو الجهة المسئولة عن ذلك: (الشوك، 2012: 4)
الباحث: يتحمل المسئولية الكاملة.
مؤسسات البحث العلمي: فهي مسئولة عن البحوث التي تجرى بها، ولابد من وجود لجان أخلاقيات بها للمراقبة.
محررو المجلات العلمية: لابد من أن يرفق بالبحث موافقة لجنة الأخلاقيات بالمؤسسات العلمية.
وكالات التمويل والمنظمات: فلا يجب التمويل الا بعد تقديم ضمانات مراقبة المبادئ الأخلاقية للبحث.

16. وأخيراً، وبعد أن انتهى الباحث من مقدمة ورقة العمل هذه، وتناول (14) نقطة محورية في مجال أخلاقيات البحث العلمي، فإنه يقدم مجموعة من التوصيات والمقترحات لعلها تسهم في تعزيز ودعم البحث العلمي، ونشر وترويح وترسيخ الوعي بأخلاقيات البحث العلمي لدى الباحثين في المؤسسات العلمية الفلسطينية، والمساهمة في حل المشكلات، واتخاذ القرارات المنطقية القابلة للتطبيق، وامتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا والبحث العلمي، وأخلاقيات البحث العلمي، وتحقيق الحرية والاستقلال والتقدم والرقي والعزة والكرامة للشعب الفلسطيني العربي الإسلامي.

17. التوصيات:
إنشاء مركز أو مراكز أو معاهد للبحث العلمي على مستوى الوطن فلسطين.
إنشاء مراكز بحثية متخصصة في العلوم الطبيعية والتطبيقية، وأخلاقيات البحث العلمي.
إنشاء مراكز بحثية متخصصة في العلوم الصحية والطبية، وأخلاقيات البحث العلمي.
إنشاء مراكز بحثية متخصصة في العلوم الإنسانية والتربوية والنفسية، وأخلاقيات البحث العلمي.
إنشاء مراكز بحثية متخصصة في العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأخلاقيات البحث العلمي.
إنشاء مركز أو مجلس أو وحدة أو لجنة لأخلاقيات البحث العلمي في الكليات والجامعات لمتابعة ومراقبة مشاريع التخرج، وأبحاث الماجستير والدكتوراه، في جميع مراحلها: الإعداد، التنفيذ، والنشر، وكذلك أبحاث المجلات العلمية من حيث درجة توافر أخلاقيات البحث العلمي فيها.
دعم وتعزيز الباحثين المتميزين في البحث العلمي.
إصدار كتاب أو مجلة دورية في أخلاقيات البحث العلمي.

18. تبني أهداف ومحاور وتوصيات اليوم الدراسي (أخلاقيات البحث العلمي)
تخصيص جزء أو نسبة من الدخل القومي أو ميزانية مؤسسات الدولة أو الوزارات أو الجامعات للبحث العلمي.
الدعوة للشراكة بين مؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص وأصحاب (أو أرباب) العمل للتعاون والشراكة في الأبحاث العلمية النوعية التي تحتاج إلى فريق أو فلاق عمل متنوعة ومتخصصة وذات نفس طويل.
تبني شعارات وقيم نابعة من الإسلام (الكتاب والسنة والسلف الصالح) (وإنك لعلى خلق عظيم)، (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، (كان خلقه القرآن) في المؤسسات التعليمية والبحثية الفلسطينية.
السعي لحصر وتحديد أولويات البحث العلمي في جميع مجالات الحياة بحسب حاجات المجتمع الفلسطيني، وحث الباحثين على المشاركة في هذه الأبحاث من أجل التحسين والتطير وحضارة الأمة.
صون وحماية الملكية الفكرية للباحثين والمؤلفين والمبدعين.
مراعاة الحقوق والواجبات للباحثين والمجتمع والفئات المستهدفة.

19. نشر وترويج وتعزيز البحث العلمي وأخلاقيات البحث العلمي لدى الطلبة في التعليم العام، والجامعي.
إعداد مجموعة من المعايير والمؤشرات والقوانين الضابطة الواجب توافرها في الأبحاث العلمية، وتحقيق أخلاقيات البحث العلمي منظور إسلامي.
توفير بيئة نفسية وفيزيائية وتحتية ملائمة لإنجاز الأبحاث العلمية المتميزة والرائدة الفردية أو الجمعية أو المؤسساتية، الوطنية، والاقليمية، والعالمية.

20. المقترحات:
في ضوء ما تم دراسته لورقة العمل البحثية، وتوصياتها، فإن الباحث يقترح إجراء البحوث التالية:
درجة توافر أخلاقيات البحث العلمي لدى طلبة الماجستير في الجامعات الفلسطينية.
درجة توافر أخلاقيات البحث العلمي لدى طلبة الدكتوراه في الجامعات الفلسطينية.
درجة توافر أخلاقيات البحث العلمي لدى أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات الفلسطينية.
درجة توافر أخلاقيات البحث العلمي لدى أعضاء الهيئات الإدارية في الجامعات الفلسطينية.

21. درجة توافر أخلاقيات البحث العلمي لدى الأساتذة المشرفين على أبحاث طلبة الماجستير أو الدكتوراه من وجهة نظر الطلبة.
درجة توافر أخلاقيات البحث العلمي في البحوث العلمية المنشورة في مجلات الجامعات الفلسطينية.
برنامج تدريبي مقترح لتنمية أخلاقيات البحث العلمي لدى طلبة الدراسات العليا.
برنامج تدريبي مقترح لتحديد معايير أولويات البحث العلمي في فلسطين.
برنامج تدريبي مقترح لتحديد معايير أخلاقيات البحث العلمي في فلسطين.
دراسة جدوى إنشاء مركز البحث العلمي بمحافظات غزة.
دراسة جدوى إنشاء مركز أخلاقيات البحث العلمي بمحافظات غزة.

22. وشكرا لكم على حسن الاستماع ،،، د. فرج إبراهيم أبوشمالة ،،،