1. أساليب المحدثين في تدوين السنة:
إعداد: الأستاذ الدكتور المكي اقلاينة

2. أولا: الكتابة في عهد النبوة:
جاءت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرها التعارض، منها ما يمنع كتابة الحديث، ومنها ما يبيح كتابته.
ويرجع سبب ذلك في رأي العلماء لأسباب:
1- منهم من قال أن ذلك كان خشية اختلاط الحديث بالقرآن الكريم في بداية الأمر، ولما أَمِن الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، أباح للصحابة كتابةَ الحديث، فهو من باب الناسخ والمنسوخ.
2- ومنهم من قال حتى لا يُهمل المسلمون كتاب الله بالانشغال بغيره.
والرأي الراجح أنه مَنْعَ كتابةِ الحديث نُسِخ.
ممن كتب وكانت له صحف:
1- عبدالله بن عمرو بن العاص صاحب الصحيفة الصادقة.
2- علي بن أبي طالب، كانت عنده صحيفة في الدِّماء.
3- أبو شاه، كانت عنده صحيفة فيها خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم.
4- همام بن منبه عن أبي هريرة، صاحب الصحيفة الصحيحة.
وغيرهم.

3. ثانيا: الكتابة في عهد التابعين:
ازدادت الحاجة إلى كتابة الحديث النبوي لأسباب:
1- اتساع الدولة الإسلامية.
2- الخشية من ضياع السنة.
3- الحفاظ عليها من الافتراء والدس.

4. أول من دعا إلى تدوين السنة النبوية:
أول من نادى بتدوين السنة هو الخليفة الراشدي عمر بن عبدالعزيز.

5. أول مَن استجاب لأمر التدوين الرسمي:
أول من استجاب لنداء الخلفية هو ابن شهاب الزُّهْرِي (ت 124 هـ).

6. ضوابط الرواية الشفهية:
مجموعة من الضوابط أدَّت إلى ترسيخ الحديث في الذاكرة، وهي:
1- المُذاكَرَة.
2- العَمَلُ بالحديث.
3- الرِّحْلَةُ في طلب الحديث.
4- كَوْنُ الحديثِ مُتَعَلِّقا بواقِعةٍ خاصَّةٍ بالراوي.

7. ضوابط الرواية المكتوبة:
اعتمد المحدثون في ضبط الرواية المكتوبة على ما يأتي:
1- العَرْض. يعني عرض المكتوب على الشيخ ليصحِّحَه.
2- المُقابَلَة. يعني أن يقوم بمقارَنة ما كتبَ بما في كتاب الشيخ بهدف تصحيح ما كتب، أو كتاب أحد الطلاب شريطة أن يكون كتابُه مُصححا.

8. أساليب المحدثين في التصنيف:
تنوعت أساليب المحدثين في التصنيف كما سيظهر فيما يأتي:
1- كتب تجمع بين الأحاديث والآثار مخلوطة بشيء من التفسير والفقه، لكن الأحاديث هي الغالبة، مثل ما فعل عبدالملك بن عبدالعزيز ابن جُرَيْج (ت 150 هـ)، وجامع معمر (ت 154 هـ) شيخ عبدالرزاق، وجامع سفيان الثوري (ت 161 هـ)، وجامع عبدالله بن المبارك المروزي (ت 181 هـ).
2- كتب فقهية ممزوجة بالآثار المسندة، منها: كتاب السِّيَر للأوزاعي (ت 115 هـ)، وكتاب الخَراج لأبي يوسف القاضي (ت 182 هـ)، وكتاب الأم للشافعي (ت 204 هـ).
3- المصنفات، وهي كتب جمعت الأحاديث والأخبار الموقوفة على الصحابة وآثار التابعين ومن بعدهم وفتاواهم، مثل: مصنف عبدالرزاق (ت 210 هـ)، ومصنف ابن أبي شيبة (ت 235 هـ).

9. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
4- الموطآت: الموطأ في اللغة هو المُمَهَّد. وهذا النوع من التأليف يشمل الفقه والحديث معا، مثل موطأ مالك بن أنس (ت 179 هـ)، وموطأ إبراهيم بن أبي يحيى (ت 184 هـ)، وموطأ عبدالعزيز الماجشون (ت 164 هـ)، لكن لم يصلنا إلا موطأ مالك بن أنس.
5- المسانيد: وهي الكتب التي دونت فيها الأحاديث مرتبة على أسماء الصحابة الذين رووا هذه الأحاديث، فجمعت أحاديث كل صحابي على حدة، مثل: مسند أحمد بن حنبل (ت 241 هـ)، ومسند أبي داود الطيالسي (ت 204 هـ)، ومسند الحميدي (ت 210 هـ)، ومسند أبي يعلى (ت 307 هـ)، ومسند البزار (ت 292 هـ)، ومسند عبد بن حميد (ت 249 هـ)، ومسند إسحاق بن راهويه (ت 238 هـ).

10. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
6- الجوامع: وهي الكتب التي راعى فيها أصحابها أن يشتمل كتابهم كل أبواب الدين، مثل:
”الجامع الصحيح...“ للبخاري (ت 256 هـ)، وهو أول من ألف على طريقة الجوامع.
”الصحيح المسند“ لمسلم (ت 261 هـ)، تلميذ البخاري، وثاني من ألف على الجوامع.
جامع الترمذي (ت 279 هـ).

11. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
7- المستدركات على الصحيحين: وهي الكتب التي اشترطت صحة الحديث وألزمت الشيخين بإخراج ما كان على شرطهما أو على شرط أحدهما، مثل:
مستدرك الحاكم (ت 405 هـ).
”المختارة“ للضياء المقدسي.
8- المستخرجات على الصحيحين: والمستخرج هو كتاب يروي فيه المصنِّف أحاديث كتاب مشهور بأسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب، ويلتقي مع مصنف الكتاب في شيخه أو شيخ شيخه، وشرطُ المستخرج ألاّ يرتقي المصنِّف إلى الشيخ الأبعد حتى يفقد طريقا يوصله إلى الشيخ الأقرب، مثل:
المستخرج على صحيح البخاري للإسماعيلي (ت 371 هـ).
المستخرج على صحيح مسلم لأبي عوانة (ت 316 هـ).
المستخرج على الصحيحين لأبي نعيم (ت 430 هـ).

12. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
فوائد المستخرجات:
الزيادة في قدر ألفاظ الأحاديث الصحيحة.
تقوية أحاديث الصحيح بكثرة الطرق.
التصريح بتحديث المدلس الذي روى بالعنعنة في الصحيح.
بيان المُدْرَج.
توضيح المُبهم.
تمييز المهمل من أسماء الرواة.
علو الأسانيد.

13. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
9- السنن: وهي الكتب التي يعتني أصحابها بتدوين أحاديث الفقه. مثل:
سنن أبي داود (ت 275 هـ).
سنن النسائي (ت 303 هـ).
سنن الترمذي (ت 279 هـ).
سنن ابن ماجه (ت 273 هـ).

14. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
10- الزوائد: وهي الكتب التي أفردت الأحاديث المسندة الزائدة في بعض الكتب على أحاديث كتب الأصول الستة أو بعضها. مثل:
غاية المقصد في زوائد المسند.
كشف الأستار عن زوائد البزار.
المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي.
البدر المنير في زوائد المعجم الكبير.
مجمع البحرين في زوائد المعجمين (الصغير والأوسط).
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي، جمع فيه الكتب السابقة وكلها للهيثمي (ت 807 هـ).

15. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
خ- موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان، للهيثمي.
د- إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة للبوصيري (ت 840 هـ).
ذ- مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للبوصيري.
ر- فوائد المتقي لزوائد البيهقي، للبوصيري.
ز- المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ). [جمع فيه الزوائد على الكتب الستة ومسند أحمد، والمسانيد الثمانية هي: 1- مسند الطيالسي. 2- مسند الحميدي. 3- مسند مسدد بن مسرهد. 4- مسند أبي بكر بن أبي شيبة. 5- مسند ابن أبي عمر العدني. 6- مسند أحمد ابن منيع. 7- مسند عبد بن حميد. 8- مسند الحارث بن أبي أسامة].
س- زوائد شعب الإيمان للبيهقي، لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ).

16. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
11- المعاجيم: والمعجم هو الكتاب الذي تُذكر فيه الأحاديثُ على ترتيب الصحابة أو الشيوخ أو البلدان، وغالبا يكونون مرتبين على حروف الهجاء. مثل:
أ-المعجم الكبير للطبراني. مرتب على أسماء الصحابة. استقصى فيها طرق الحديث.
ب- المعجم الأوسط، له أيضا. لكنه مرتب على أسماء الشيوخ، يروي فيه عن كل شيخ غرائبه.
ت- المعجم الصغير، له أيضا. مرتب على أسماء الشيوخ، يذكر عن كل واحد حديثا واحدا.

17. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
12- الموضوعات: وهي الكتب التي اهتم أصحابها بذكر الأحاديث المفتراة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعرفها الباحث عنها، فلا يغْتَرَّ بها. مثل:
أ-الموضوعات الكبرى لابن الجوزي.
ب- اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي.
ت- المصنوع في معرفة الحديث الموضوع، للملا علي القاري.

18. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
13- مُخْتَلِف الحديث: وهو علم ألف فيه المحدثون كتبا لرفع دعوى التعارض بين النصوص. مثل:
تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة.

19. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
14- علم العِلل: وهو علم ألف فيه المحدثون كتبا تبين أمورا خفية تؤثِّر في صحة الحديث. مثل:
أ- العلل لعلي بن المديني.
ب- العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل.
ومن صور التعليل:
1- التعليل بعدم السماع.
2- التعليل بالإرسال لما روي موصولا.
3- التعليل بإدخال حديث في حديث.
4- التعليل بالوقف لما روي مرفوعا.

20. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
15- علم غريب الحديث: وهو علم ألف فيه المحدثون كتبا تهتم بتوضيح الكلمات الغامضة في الأحاديث. مثل:
أ- غريب الحديث لابن قتيبة.
ب- الفائق في غريب الحديث والأثر للزمخشري.

21. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
16- المراسيل: وهو علم ألف فيه المحدثون كتبا تهتم ببيان الأحاديث غير المتصلة. مثل:
المراسيل لأبي داود.
كما اهتموا ببيان الأسانيد غير المتصلة كما في:
المراسيل لابن أبي حاتم الرازي.
جامع التحصيل في أحكام المراسيل للعلائي.

22. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
17- موضوعات خاصة:
كتب العقائد: مثل:
1- كتاب السنة لأحمد بن حنبل (ت 241 هـ). 2- كتاب السنة لابن أبي عاصم (ت 287 هـ). 3- كتاب الإيمان لابن منده. 4- كتاب الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية... للعكبري (ت 387 هـ). 5- شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للألكائي (ت 418 هـ). 6- الشريعة للآجري (ت 360 هـ). 7- الاعتقاد. 8- الأسماء والصفات. 9- البعث والنشور، جميعها للبيهقي (ت 458 هـ).
ب- كتب علوم القرآن: مثل:
1- المصاحف لابن أبي داود (ت 316 هـ). 2- أسباب النزول للواحدي (ت 468 هـ). 3- فضائل القرآن للفريابي (ت 301 هـ).

23. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
18- كتب الأطراف:
وهي التي يُقْتَصَرُ فيها على ذِكْرِ طَرَفِ الحديثِ الدَّالِّ على بَقِيَّتِهِ مع الجَمْعِ لأسانيدِه إمّا على سَبيلِ الاسْتِيعابِ أو على جِهَةِ التَّقَيُّدِ بِكُتُبٍ مَخْصوصَةٍ.
وقد ألَّف علماءُ الحديث كتبا كثيرة في الأطراف، منها:
أطراف الصحيحين لأبي مسعود الدمشقي.
وأطراف الصحيحين لِخَلَف الواسطي.
وتُحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للمِزِّي، أبي الحجاج يوسف (ت 742هـ).
وقد ألَّفَ المزي مُصَنَّفَهُ هذا على الكُتبِ الستةِ - الصحيحان والسنن الأربعة - والسنن الكبرى للنسائي، وعمل اليوم والليلة، وكتاب فضائل علي – له أيضا – وكتاب المَرَاسِيل لأبي داود، وكتاب العِلَلِ الصَّغِيرِ للترمذي، وكتاب الشَّمَائِلِ – له أيضا -.
والهَدَفُ من تأليفِه هو جَمْعُ الطُّرُقِ المُخْتَلِفَةِ للحديثِ المَرْوِيِّ عن صحابيٍّ مُعَيَّنٍ في مكانٍ واحدٍ مما يُؤَدِّي إلى الانْتِفَاعِ به.

24. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
منهج المزي في التحفة:
- رَتَّبَ الكتابَ على أسماءِ الصحابةِ مُرَتَّبين على حُروفِ المُعجمِ، مُخْتَتِما بالنساء.
- ذَكَرَ اسمَ الصحابي، وأوْرَدَ له مَرْوِيَاتِه من الكُتبِ المذكورةِ آنِفا إن لم يكن من المُكْثِرين.
- إن كان من المُكْثِرين، احْتاجَ إلى تَحْدِيدِ الرُّواةِ عنه مع تَرْتِيبِ أسمائِهم على حُروفِ المُعْجَمِ، وعِدَّتُهُم تَرْتَبِطُ بِمَدَى قِلَّةِ الأحاديثِ المَرْوِيَةِ عنه وكَثْرَتِها.
- فإنْ كان الراوي عنه من المُكْثِرِينَ لِلرِّوايَةِ عنه في الكُتُبِ المَذْكُورَةِ، احْتاجَ إلى تَحْدِيدِ الرواةِ عن هذا الأخيرِ من أجْلِ تَيْسِيرِ عَمَلِيَّةِ البحثِ عن الحديثِ، مُرَتِّبا أسماءَهم على حُروفِ المعجمِ.
ترتيبُ الرواياتِ عنده قائمٌ على عَدَدِ مَن أخرجَها. لذا، فالحديثُ الذي رواه الستةُ يُقَدِّمُه على ما رواه الخَمْسَةُ، وهكذا.
- إذا تَكَرَّرَ الحديثُ في أكثرَ من مَكانٍ في كتابِه، فإنه يَذْكُرُه في جَميع الأماكن.
- إذا تَعَدَّدَتِ الطُّرُقُ واجْتَمَعَتْ في راوٍ، فإنه يَذْكُرُها إلى الراوي المُشْتَرَكِ.

25. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
ت- كتب السيرة ودلائل النبوة: مثل:
1- السيرة النبوية لابن إسحاق (ت 151 هـ). 2- الطبقات الكبرى لابن سعد (ت 230 هـ). 3- الشمائل للترمذي (ت 279 هـ). 4- دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني (ت 430 هـ). 5- دلائل النبوة للبيهقي (ت 458 هـ).
ث- كتب الفضائل: مثل:
فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (ت 241 هـ).

26. أساليب المحدثين في التصنيف (تابع):
ج- كتب في موضوعات متفرقة: مثل:
1- كتب ابن أبي الدنيا في الآداب والأخلاق (ت 281 هـ).
2- كتاب الدعاء للطبراني (ت 360 هـ).
3- كتاب الفتن والملاحم لنعيم بن حماد المروزي (ت 328 هـ).
ح- الأجزاء الحديثية: مثل:
جزء القراءة خلف الإمام للبخاري (ت 256 هـ).
جزء الحسن بن عرفة.
مسند الفاروق لابن كثير.